الحمد لله رب العالمين والصلاة على خاتم النبيين والسلام على الأنبياء جميعهم والمرسلين وبعد:
أسماء الله تعالى كلها حسنى, وصفاته كلها عليا, .أنزل الله تعالى كتابه الكريم وأخبرنا فيه عن أسمائه وصفاته, التي أراد إبلاغنا بها وابلغنا سبحانه ان له الأسماء الحسنى في أربعة آيات هي:
1- وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أسمائه سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون َ(سورة الأعراف، الآية 180)
2- قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (سورة الإسراء، الآية 110)
3- اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (سورة طه، الآية 8)
4- هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (سورة الحشر، الآية 24)
ثم أمرنا أن ندعوه بها فقال : وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا" و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لله مائة اسم إلا واحد من أحصاها وعمل بها دخل الجنة" واجمع الرواة على ان رسول الله لم يذكرها على مسامع صحابته مجتمعه وترك أمر إحصائها للمسلمين ليجتهدوا في طلبها ورغم ذلك ادعى بعض الرواة أن رسول الله أحصاها وذكرها فأدعى البعض نقلها بتا بالتواتر إلا أن ذلك الادعاء لم يصح عن أحد بدليل عدم اتفاق اثنين منهم على صحة رواية ما فكان من المدعين خمسة عشر محدثا لم يتفق أي منهم مع الأخر.
لذلك نرى إن باب البحث في هذا الأمر لم يغلق و لازال على المسلمين وجوب البحث والإحصاء وعدم الركون الى أي قائمة من القوائم المنتشرة إذا لم يثبت في إي منها اكتمال إحصاء الأسماء التسعة والتسعون من نصوص وكلمات القران لقول الله تعالى سورة يس - وكل شيء أحصيناه في إمام مبين (12سورة يس) وقوله - ما فرطنا في الكتاب من شيء
(الرَّحْمَنِ) :- اسم من أسماء الله الحسنى: اسم الرحمن كان من أسماء الله الممتنعة على المخلوقات التسمي بها لما فيه من خصوصية التعلق بالألوهية الحق, فلما سمى به الكذاب مسيلمة - مقتطعا إياه من أسماء الله الممنوعة- قال بعض السلف أن الله أضاف اسم الرحيم للرحمن , وهذا كلام مردود لان الله الرحمن الرحيم بناء متكاملا نزل على سليمان من قبل أن يخلق مسيلمة ويتجرأ على التسمي باسم الرحمن, بل اسم الرحمن ممنوع بذاته لأنه لا يليق إلا بالإله الخالق وحده مطلق الرحمة لكافة المخلوقات , وذلك حال لا يأتيه مخلوق ولا يليق إلا بالله الرحمن فلا يكون لسواه سبحانه وما كان مسيلمة إلا كذوب لعين.
قال تعالى "قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى [الإسراء : 110] ولم يكن في القران أي نص شبيه لهذا النص كمثل " ادعو الله او ادعو الاحد الصمد العزيز القهار أو ما الى ذلك .وان دل هذا على شيء فإنما يدل على الكثير مما يمكن ان نفهمه وما لا يمكن ان ندركه . ومما يمكن ان نفهمه ان اسم الرحمن يلي في القدسية والعظمة اسم الله الأعظم والأكثر ذكرا في القران والذي لم يسبقه أي اسم من الأسماء الحسنى في أي نص قراني وتبعته ترتيبا وعدا كل الأسماء وكما قلنا سابقا فأن اسم الله تُنسب إليه كل الأسماء الحسنى ولا يُنسب هو لأي منها . كمثل قولنا الله الرحمن والله العزيز ولا يمكن ان نقول الرحمن الله او العزيز الله ...
وبالإحصاء العددي لكلمة الرحمن في القران وجدنا انها قد جاءت كاسم لله تعالى معرفا بلام التعريف في القرآن 48 مرة منها - ربعها - أي (12) مرة في سورة مريم فقط .
وكان في القرآن سورة باسم الرحمن ترتيبها في المصحف 55 وعدد آياتها 78 أية منها آلاية الأولى تتكون من كلمة واحدة هي كلمة الرحمن فقط لم يذكر فيها اسم الرحمن سوى مرة وأحدة.
سبحان الله فذلك من الإعجاز النظمي العظيم الذي أقر بوحدانية الرحمن فلم تكن الا لفظا وترا واحدا في سورة بأكملها فيها 352 كلمة
ورد اسم (الرَّحْمَنِ) في القران اسم علم مطلق لله تعالى سمى الله به ذاته في صراحة واكتفى سبحانه بهذا الاسم دون تفصيل لصفته لما فيه من امتلاء بالصفة تطابقا وتضمنا ودواما - سبحانه الرحمن - اسم مُبالغُ لصفة الراحم - فيقال فلان راحم و لا يقال رحيم أو رحمن .
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في سورة الفاتحة وقوله تعالى "إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وانه ببسم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [النمل : 30] وقوله " تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [فصلت : 2]
هذه الملاحظة الهامة تستحق منا التأمل لما فيها من إعجاز قراني عظيم فقد لاحظنا انه لم يسبقها سوى اسم الله ولم يليها سوى الرحيم رديفها في كل آيات القران فقط ومن ثم جاءت مستقلة توحي بعظمتها وقدسيتها كاسم ارتبط بكل صفات الله تعالى الكاملة وتضمنها دون ان يذكر مع أي اسم منها قي أي نص قراني , سبحان الله فهل من إعجاز قراني كامن خلف هذا الأمر ؟ و ماهو ؟ لنرى
في رحاب إعجاز اسم " الرحمن "الرحمن:
في اللغة والبيان دلت على وزن فعلان كونها متعلقة بالحالات الثنائية, الضدية و المتكاملة , فصفة (شبعان) مثلا يكمن في داخلها ضدها , التي هي (جوعان) ، ولا يمكن وجود أحدهما دون تصور الآخر، وصفة (الرحمن) أُطلقت على فعل الله تعالى لأنه خلق الخلق على قانون الثنائيات بدليل قوله "وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [الذاريات : 49] فتعلقت كلمة (الرحمن) بالاستخدام القرآني بصفة العلم ، والخلق ، والفعل ، ولم ترد بسياق الرحمة أبداً ولذا اخطأ من قال ان الرحمن من الرحيم او العكس . كان لاسم الرحمن سبحانه مكانة خاصة في القرآن الكريم وقد تجلى بيان هذه الخصوصية في الترتيب الثاني بعد لفظ الجلالة "الله" ومن هذه التجليات :
- لم تأتي كلمة " رحمن " في القران كصفة
- أو اسم يدل على الله تعالى أبدا لما في اسم الرحمن من اكتفاء وامتلاء و تطابق وتضمن وديمومة وعلمية.
- أكد الرحمن سبحانه وتعالى على عظمة اسم الرحمن مبينا إمكانية الدعاء به مستقلا دون اسم الله الأعظم قائلا" قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ ...[الإسراء : 110]
- كان اسم "الرحمن" آية مستقلة بذاتها "وتر" جاءت في سورة الرحمن و لم jتكرر كآية مستقلة سوى في تلك السورة .
- لم يتكرر اسم "الرحمن" في سورة الرحمن سوى مرة واحدة بالاسم العلم .و لكنه كان كافيا بتفرده فيها فلم يأت سبحانه على أي ذكر لاسم " الله " أو أي من أسماءه الحسنى في أي آية من كل آيات السورة أل 87 لبيان عظمة هذا الاسم وامتلاءه وكفايته للدلالة على كل آية في هذه السورة .فدل سبحانه وتعالى باسم الرحمن في سورة الرحمن على ثمان و أربعون آية من آيات رحمة الرحمن دون ذكر أي اسم من الأسماء الحسنى سوى الرحمن. لمرة واحدة في بداية السورة.
- لم يكن أيا من أسماء الله الحسنى آية مستقلة في القرآن كما كانت آية الرحمن ولم تكن سورة كمثلها تحمل اسم من الأسماء الحسنى لم يسبق اسم الرحمن في أي أية من آيات القرآن أيا من الأسماء الحسنى سوى الاسم الأول "الله" كمثل الله الرحمن ...
- الرحمن : اسم من أسماء الله الحسنى الممنوعة على سواه سبحانه .لا يضاهيه الا لفظ الجلالة "الله"
- اسم الرحمن اسم قديم عرفه الأنبياء من قبل محمد عليهم السلام بدليل قول الله سبحانه : "وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف : 45]
الرحمن :
هو الاسم الذي دعا به الأنبياء أقوامهم إلى الله تعالى بدليل كتاب سليمان إلى أهل اليمن" إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [النمل : 30] و دليل قول هارون لقومه " وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي [طه : 90] وقال إبراهيم عليه السلام "يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن...ً [مريم : 45] وأمر سبحانه خاتم النبيين بالدعوة للرحمن أيضا فقال له " قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ ....[الملك : 29] وبالرحمن استعاذت مريم و زكريا ويونس عليهم السلام وغيرهم " قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً [مريم : 18] قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم" ... رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [الأنبياء : 112]
اقترن تنزيل القرآن على خاتم النبيين باسم " الرحمن بدليل قوله سبحانه " تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [فصلت : 2] و به كان تعليم القرآن أيضا " الرَّحْمَنِ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ [الرحمن : 2]
باسم الرحمن ينطق المبعوثون من المتقين وينطق الكفار يوم القيامة " يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً [مريم : 85]" قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ [يس : 52] " يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً [طه : 109]
اقترن اسم الرحمن بالآيات الربانية المتعلقة بعظائم الخلق كالعرش والملائكة وخلق السموات والأرض بدليل الآيات " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه : 5]" ... الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً [الفرقان : 59]
أخبرنا الرحمن سبحانه بوجوب ترتيب هذا الاسم من أسماءه بعد لفظ الجلالة الأعظم مباشرة في قوله" قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ ...[الإسراء : 110] اقترن اسم الرحمن بالألوهية والتوحيد بدليل قوله سبحانه " وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة : 163]
اقترن اسم الرحمن باسم الرحيم تلازما وترتيبا سابقا دون غيره من الأسماء في ستة آيات محكمات هي : "الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ"[الفاتحة : 1][الفاتحة : 3][البقرة : 163][النمل : 30][فصلت : 2][الحشر : 22]
اقترن اسم الرحمن باسم الرحيم تلازما فشكلا معا آية مستقلة كاملة هي الآية 3 من سورة الفاتحة فكانت آية : الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة : 3] آية محكمة لم تتكرر في المصحف .
اسم الرحمن كان ذكره في القرآن على الوجه الأغلب وترا منفردا, أي لم يقترن بأسماء أخرى سوى "الله" سابقا والرحيم تاليا. كمثل " الرَّحْمَنُ [الرحمن : 1] قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ... [الملك : 29] مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن ...ٍ [قـ : 33] هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ ...[يس : 52]
التفسير اللغوي لكلمة الرحمن
الرحمن : اسم علم لا يطلق إلا على الله تعالى , وصفة رحمان تدل على الامتلاء وهي من فعلان وفيها دلالة سعة رحمته تعالى جميع الخلق . أما ظاهر معنى هذا الاسم فمختلف عن ظاهر معنى الرحيم في القرآن وقولهم أن الرحيم مشتق من الرحمن قول مردود عندي بدليل ما ورد من معانيها القرآنية" الرحمن "المرهب و "الرحيم" الرؤوف)
و" الرحيم " رحيم مختص بالمؤمنين وقد تلازمت كلمة الرحيم بالغفور: " ...لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر : 53] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عيسى ابن مريم قال : الرحمن : رحمن الآخرة والدنيا , والرحيم : رحيم الآخرة" وعلى هذا يكون تأويل الرحمن ما ليس هو للرحيم , وأن للرحيم تأويلا غير تأويل الرحمن.
الرحمن ، هو الله ذو الرحمة الواسعة الشاملة لكل الخلائق (العابد منها والعاصي ) ومن هذه الرحمة : الحياة وما يلزم وجودها من الأمطار والشمس والهواء والغذاء .... فرحمة الرحمن رحمة شاملة تبدأ بلحظة الخلق رحمة لا يستثنى منها ملحد ولا مشرك ولا مؤمن
وجوب عبادة الرحمن فريضة على كل الخلائق لعموم الرحمة على كافة المخلوقات قال سبحانه " إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً[مريم : 93]
هل الرحمن من الرحمة او من الترهيب؟
بملاحظة مواقع اسم الرحمن في سياق الآيات التي ورد فيها نجد أن اسم الرحمن جاء بمعنى غير الرحمة بل بمعنى الترهيب فلم تأت معاني الرحيم كمثل الرحمن ونستدل بالآيات :
كان أول ذكر لاسم "الرحيم" في توبة آدم بعد أن عصى ربه فنال رحمة الرحيم "فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة : 37]
أما أهم ما كان ظاهرا من معاني الرحيم وتعلقه بالتوبة فقوله تعالى عن ذاته "وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة : 160]
ذلك موسى عليه السلام يخبر قومه بمغفرة الرحيم "فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة : 54]
وذلك إبراهيم عليه السلام يدعو الرحيم للتوبة عليه " وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة : 128]
والرحيم هو قابل التوبة فانظر قوله تعالي ( أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [التوبة : 104]
ورحمة الرحيم ملازمة للمغفرة" نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الحجر : 49] " وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [يونس : 107]
الملاحظ أن اسم الرحيم تلازم بأسماء الله الحسنى " التواب والغفور والعزيز والبر" من غير تلازمها الأصل مع اسم "الرحمن " حيث دل تلازمها مع اسم الرحمن على تكامل أسماء الله الحسنى الترهيبية للكفار والترغيبية للمؤمنين وفيما عدا ذلك فقد تلازمت مع الأسماء الرقيقة الرحيمة...
آيات من رحمة الرحمن التي ذكرها - القرآن - :
أولا : الرحمة :- التي أثبتها الله لذاته العليا رحمة حقيقية دلّ عليها النقل ، والعقل, أما النقل فهو ما جاءت بعض صوره في القران والتي منها تلك الصور الرائعة الدالة على رحمة العطاء جميعها عطاء للكافة من الخلق بلا تخصيص وهو عطاء القوي المنعم للمؤمن والكافر عطاء ابتلاء للناس دال على العظمة والرهبة لا على الرقة والعفو كما في اسم الرحيم وذلك بدليل قوله بعد تسمية العطاء :- تلك " لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ":
ثانيا : الربوبية للرحمن , ربوبية السموات والأرض وما بينهما ( وما فيهما من خلائق ) من أجمل الآيات التي تدل على رحمة الرحمن وشموليتها وامتلاءها , لما في الربوبية من الرعاية للمربوب والتربية له قال الرحمن سبحانه " رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً [النبأ : 37] ومن آيات الرحمن إمساك الطير في الأفق وسبحانه القائل "مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ...[الملك : 19]
النصر للمظلوم من أجمل آيات رحمة الرحمن للناس على الأرض " أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ ...[الملك : 20]
حفظ الناس والخلائق من غضب الرحمن وهم يعصونه ليلا ونهارا " قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ....[الأنبياء : 42]
الدقة المتناهية في الخلق العظيم منسوب إلى رحمة الرحمن " الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ [الملك : 3]
رحمة الرحمن تكون أيضا في تعارف وتواد وتعاون المؤمنون " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً [مريم : 96]
أما من الدلائل على رحمة الرحمن المشهودة بتدبر آياته في الأرض , فلا حصر لها بدءا من النظر في النفس البشرية والجسد وفيما حولنا فتلك الآيات المشهودة المبصرة بالقلب والعقل واللمس والنظر لا تحصى, و تشمل كل ما حصل من نعمة لكل الخلق وذات الخلق وتشمل اندفاع النقمة التي هي من آثار رحمة الرحمن, فالمطر, والليل والنهار وفصول السنة , الرزق لكل المخلوقات, الخلق الجميل ونعمة البصر والسمع ...الخ. كلها بعض من رحمة شاملة مدركة بالعقل والعين واللمس وهي جميعها آيات ابتلاء للتدبر وتتضمن الدلالة على العظمة والقوة والهيبة لله تعالى .
احصى كافة الباحثين في الأسماء الحسنى اسم الرحمن ولم ينكره احد
| أسماء الله الحسنى | الوليد | الصنعاني | ابن الحصين | ابن منده | ابن حزم | ابن العربي | ابن الوزير | ابن حجر | البيهقي | ابن عثيمين | الرضواني | الغصن | بن ناصر | بن وهف | العباد |
---|
| الرحمن | | | | | | | | | | | | | | |
|
---|
الرحمن في الكتاب المقدس:
رغم أن اسم الرحمن ثبت العلم به لأقدم الأنبياء ومنه أنبياء اليهود إلا أن هذا الاسم العظيم لم نجده في تراجم الكتب المقدسة لليهود والنصارى , ونستدل عليهم بقول الله تعالى " كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَـنِ ...ِ [الرعد : 30] وهو القائل لنبيه محمد " وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف : 45] ونستدل عليهم أيضا بما كتب نبيهم سليمان عليه السلام لدعوة ملكة سبأ للإسلام " إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرحيم [النمل : 30] ونستدل عليهم وعلى الأقوام الأسبق منهم بقول الرحمن فيهم "وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ [الشعراء : 5]بحثنا عن اسم الرحمن في تراجم الكتاب المقدس فلم نجد له وجود سوى في الترانيم المضافة إليه كترنيمة "يا عسكر الرحمن" التي تقول :
يا عَسْكَرَ الرَّحْمَانِ مَنْ تَجَنَّدوا في مَوْكِبِ الرَّب العَليِّ مَجِّدوا فُزتُمْ بِنَصْرٍ دَائِمٍ فَحَمْدُوا ملكينا المَنْصُورْ
والرحمن المقصود في التوراة هو موسى عليه السلام وفي الإنجيل هي من أسماء المسيح ابن الرب والعياذ بالله و سبحان الله عما يصفون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب لنا ملاحظانك او تعليقك او تبهنا لاي خطأ مشكورا